قداسة الاختبارات الوزارية

قداسة الاختبارات الوزارية في اليمن د.عبدالقوي مكرد القدسي

قداسة الاختبارات الوزارية
د.عبدالقوي القدسي

تطوير التعليم ومناهجه هو البوابة الرئيسة لنهضة وحضارة الأمم، والاختبارات التحصيلية هي عنصر من عناصر المنهج التعليمي بناء على النظرة الحديثة لمفهوم المنهج .

يطل شبح الاختبارات الوزارية في كل عام، وترتفع درجات التوتر والتوجس لدى أبنائنا مع دنوها، وتبدأ بعد الاختبارات مرحلة الترقب لنتائجها لأشهر عدة، ولا يتسنى للطالب الالتحاق بالعام الجامعي نظراً لانتظاره نتيجة تلك الاختبارات، وبين ظهور النتيجة وإصدار الاستمارات( المؤقتة) مسيرة شهرين أو ثلاثة، واما إصدار الاستمارة النهائية، والشهادة الثانوية فتحتاج إلى مسيرة عام أو أعوام، ولنا أن نتساءل: لماذا هذا الروتين، وهل لهذه الإجراءات في كل عام قداسة لا ينبغي أن تُمَس ؟!!

هل هناك ضرورة لتنظيم اختبارات مركزية بالآليات المتبعة حالياً تُكلف الدولة ملايين الريالات؟! وإذا تساءلنا حول الهدف من تلك الاختبارات لربما تكون الإجابة بأننا وجدنا آباءنا هكذا يفعلون ولذلك فإنا على آثارهم مقتدون، وسنظل نحافظ على قداسة تلك الموروثات حفاظنا على قداسة آيات القرآن.

موسم الاختبارات الوزارية- إن صح لنا التعبير- يشبه مواسم الانتخابات التي كانت تجري سابقاً في اليمن ، فملايين الريالات ترصد كموازنة للاختبارات موزعة على اللجان الأمنية، ولجان المراقبة والتصحيح، ولجان الاختبارات المشرفة على طلاب السفارات في خارج البلاد، واللجنة العليا ، وبدل السفر، والمكافآت للعاملين عليها، والنتيجة في الأخير تكون مخيبة للآمال!!

نتائج الاختبارات لا تُعبر عن حقيقة مستوى التلاميذ، فبالإضافة إلى ظاهرة الغش المرافقة لها، فإنها تعتمد على أداة قياس واحدة لجميع المهارات التي يُفترض أن تتعدد وسائل القياس فيها .

ما جدوى تلك الشهادة التي يحصل عليها الطالب في قيادة السيارات فور إتمامه الدراسة لكتاب تعداده يتجاوز الف صفحة، دون أن يحرك خلال فترة دراسته مقود السيارة؟! وهل أصبح الطالب فيها مهيأ للقيادة؟!!
وبالمثل هل نتيجة الاختبارات الوزارية تنبئ بأن الطالب الناجح أصبح متمكناً من المواد الدراسية؟!!!

اختبارات الصف الثالث الثانوي، واختبارات الصف التاسع قبلها – من وجهة نظري- عديمة الجدوى، ومفرغة من المحتوى، فهي بما يرافقها من تجاوزات تكون وسيلة فاشلة في قياس مستوى الطلبة، ومخرجات التعليم أكبر شاهد وخير دليل على ذلك، وقد اتخذت وزارة التربية والتعليم – عدن مؤخراً قراراً بإلغاء الاختبار المركزي للصف التاسع ، وهذه الخطوة  لا تكون ذات جدوى إلا إذا رافقتها إجراءات تفضي إلى اعتماد نظام بديل يحقق الأهداف المرجوة، ولا يكتفي بمحرد الإلغاء  للتهرب من المعالجة الجذرية للمشكلة.

تعتمد الكثير من الجامعات على تصميم اختبارات قبول لخريجي الثانوية،كما أن الكثير من دول العالم لا تقبل الطالب الوافد إلا بعد اجتيازه لاختبارات تحديد المستوى، ولربما يتم اعتماد سنة تأسيسية لتجاوز الضعف لديه، فما جدوى الاختبارات الوزارية المركزية إذاً؟!!!

هناك العديد من البدائل التي يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة من الاختبارات وبأقل تكلفة ، ومنها :

١- أن تتولى وزارة التربية إعداد أسئلة موحدة وتقوم المناطق التعليمية في المديريات بتنفيذها إشرافاً ، وتصحيحاً، بالتزامن مع اختبارات النقل، وبذلك لا نحتاج لاعتمادات إضافية، ولا لانتقال الطلاب من مناطق إلى أخرى، ولا نحتاج للِّجان الأمنية أيضاً.
٢-يمكن تصميم اختبارات مُقَنَّنة، لغرض تسكين الطلاب في التخصصات الجامعية،أو قبولهم في المنح الدراسية، الداخلية منها والخارجية بناء على رغباتهم وقدراتهم.
٣-يمكن أيضاً اختيار نموذج “الاختبارات الشاملة” التي تنتهجها بعض الدول، بحيث يتم تحديد يوم او يومين لاختبار مهارات محددة في المواد والحكم على مستوى الطالب بناء عليها.

٤- ما المانع من تنفيذ اختبارات نهاية المرحلة الثانوية في المدارس كسائر الصفوف الدراسية؟!! ربما لو أوكلت المهمة للمدارس لتجاوزنا ما يرافق الامتحانات من صعوبات نتيجة تعقيدات الأوضاع، وحالة الحرب المستعرة في بلادنا.

لنبدأ التفكير الجاد في تطوير مناهجنا، ولتكن الخطوة الأولى هي إزالة القداسة عن الاختبارات الوزارية، والتوجه الجاد لتطوير التعليم بكل عناصره، من معلم، ومتعلم، ومنهج ،ومبانٍ مدرسية ومختبرات.

اضغط هنا للمزيد من المقالات التربوية

نشر في 28 يونيو 2018

أعيد نشره في 14 يونيو 2019