صناعة الوعي (1) أ.د وليد فارس

أ.د وليد فارس

الوعي هو” حالة من الفهم والنضج تكفل لصاحبها القدرة علي التحليل السليم لما حوله من أحداث وأشخاص وكذلك ممارسة الفعل المناسب في مواجهة متغيرات الحياة”، وهذا التعريف هو الذي أفضله من بين تعريفات كثيرة .

الوعي قد يكون جزئياً او شاملاً ، فبعض الناس لديهم وعي اجتماعي ولكن ليس لديهم وعياً سياسياً، والبعض قد يكون لديه وعياً في الدعوة الي الله ولكنه يفتقر الوعي في الأمور الأخري وهذه النقطة هامة في تقييم الأشخاص بشكل عادل ومنصف. وقد ينعم الله علي بعض الناس بوعي شامل يشمل مناحي محيط الحياة حوله.

عوائق الوعي:

  • المشاعر: في الحقيقة إذا عدنا الي القرآن الكريم نجدأن كل حالات الضلال وعدم الفهم عن الرسل منشؤها المشاعر وتحديداً الحسد والكبر والحقد والحب والكره.
    فكلها مشاعر تعمي صاحبها عن الرؤية السليمة وبالتالي تحجب الوعي السليم.
  • ثقافة المجتمع: في بعض المجتمعات تصبح “راحة الدماغ” قيمة كبري، وبالتالي فأي محاولة للتفكير السليم تقابل من الأصدقاء والمحيط الاجتماعي بالسخرية ويصبح صاحب العقل بين خيارين إما السير مع التيار بالتحول لشخصية تافهة ولكنها مقبولة اجتماعياً أو الاستمرار في تنمية وعيه ولكن يبدأ في الانعزال عن المجتمع خطوة خطوة ، أو يقوم المجتمع بعزله.
  • ثقافة الاستسهال و “الشورت كت”: والتي تلعب دوراً أساسياً في عدم التعمق في مجريات الأمور والاكتفاء بما أسميه “الأفكار المُعَلبة”، والتي يسهل تناولها ولكن مشكلة هذه الأفكار المعلبة أنها تم تعليبها من قبل الغير ؟!!!.
  • السطحية: والقران الكريم أشار إليها في قوله تعالي “يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا”(الروم:7)،  وهو أيضاً ما يطلق عليه في اللغة الانجليزية “face value” وبالتالي تفسر الأحداث والشخصيات بظاهر أعمالها دون ربط وتحليل الأفعال والأقوال وغيرها.
  • الصحبة: وهي تلعب دوراً أساسياً في صناعة الوعي أو تدميره، فالصحبة المتخلفة في وعيها لا تسمح لأفرادها بالتفكير، ولكن الصحبة الواعية تعاون أفرادها وتشحذ أذهانهم .
  • فيضان المعلومات: وهذا واحد من أكبر العوائق للوعي، فضخامة المعلومات التي نتعامل معها يومياً من خلال وسائل الإعلام تسبب حالة من “الاختناق المروري” للذهن بحيث لا يستطيع تحليل المهم فالأهم من المعلومات وفصل الغث عن السمين من المعلومات فتشوش المعلومات الزائفة وغير الدقيقة وعيه.
  • بروباجندا الشعارات والسباب: وهذه واحدة من الوسائل التقليدية في تزييف الوعي عن طريق حملات كثيفة علي الأفراد من الشعارات التي تبدو حقيقية، ولكن غرضها الرئيس لفت النظر إلي جانب محدد مع إهمال باقي الجوانب وعادة ما يصاحب حملة الشعارات حملة من السباب للمخالفين ولمن لا يوافق على تبنٍّي هذه الشعارات. فاحترس من حملات الشعارات والسباب المتوازية والتي غرضها الرئيس تزييف الوعي.
  • الحماسة الزائدة: فالحماسة مطلوبة للفعل فهي حالة شعورية هامة ولكن زيادتها تؤدي الي عدم التفكير والاندفاع وراء المثيرات الخارجية من الدعاية المغرضة أو غيرها مما يسهم في تشكيل وعي زائف ومتوهم لحقائق الأمور .