الإدارة المدرسية، ودورها في نجاح أو فشل العملية التعليمية

……………………………………………………………………..
الإثنين ٢٥ مارس ٢٠١٩
الإدارة المدرسية جزء من كيان النظام التعليمي، وأحد أهم مدخلاته، ولا معنى لأي تطوير في نظام التعليم ما لم يشمل جميع عناصر العملية التعليمية، وعلى رأسها ” الإدارة المدرسية”.
لا يمكن الحديث عن الإدارة المدرسية دون الحديث عن مدير المدرسة، إذ تتركز في يده – وفقاً للنظام التقليدي- كل العمليات الإدارية والتربوية والتعليمية. وهذا ما يُطلق عليه الدور الأحادي “سايمون،السلوك الإداري”
المدير هو واجهة المدرسة ومن خلال مؤهلاته وشخصيته يمكن التنبؤ بنجاح أو فشل العملية التعليمية والتربوية، ومن خلال استيعاب المدير لمهامه، والأدوار المناطة به أو جهله بها، فإنه يحقق تقدماً أو تراجعاً في تحقيق الأهداف .
مدير المدرسة يتعامل مع “الإنسان” وهذا ما يجعل مهمته غاية في الصعوبة والتعامل مع البشر يحتاج إلى تأهيل خاص.
مدير المدرسة يجب أن يتعامل مع الطالب والمعلم وولي الأمر، والإدارات العليا وأن ينجح في تحقيق الأهداف في نهاية المطاف.
مدير المدرسة لا يدير مجموعة من الآلات يحركها بضغطة زر -كما يقال- إنه يتعامل مع بشر لهم طبائع مختلفة ومستويات عقلية متفاوتة، واهتمامات متنوعة، فإن لم يكن لديه المعرفة الكاملة بأنماط الشخصية وخصائص المراحل العمرية والمهارات الإدارية الأساسية فإنه -لا شك – سيفشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي تقدم في العملية التعليمية والتربوية .
هناك ثلاثة ادوار أساسية- من وجهة نظري- يجب أن يعيها ويمارسها مدراء المدارس، وهي: (الإدارة- التعليم – التربية). فمدير المدرسة الذي لا يعي العمليات الإدارية من تخطيط، وتنظيم، وتنفيذ وتقويم، ولا يدرك أبعاد العملية التعليمية وأهدافها الاستراتيجية، ومخرجاتها المأمولة، ولا يلقي بالاً للأبعاد التربوية وصياغة شخصية المتعلم المتوازنة، فإنه سيتحول إلى كارثة ، يهدم ولا يبني، يسيء إلى التعليم ، وهو يظن بأنه يحسن صُنعاً.
ذات يوم قررت زيارة إحدى المدارس الثانوية ، وكنت حينها موجهاً وتفاجأت بمدير المدرسة يرمي الطلاب بكل ما يقع في يده من أحجار أو قطع الخشب وغيرها، وكان صوته مرتفعاً واستدعى من قاموسه كل ألفاظ السب والشتم، وقد اختصر ذلك المشهد ما يمكن القيام به من تقييم للعملية التعليمية والتربوية، فالكتاب يُعرف من عنوانه كما جاء في المثل العربي!!
ما المؤهلات المطلوبة لشغل وظيفة “مدير مدرسة” في بلادنا العربية عموماً وفي يمننا الحبيب على وجه الخصوص؟!!
كان من أهم المؤهلات لدى مدراء المدارس في ظل النظام السابق في اليمن انتماء المدير للحزب الحاكم، فإن كان للمدير ارتباط بجهاز الأمن القومي أو السياسي ففرصته للإدارة أكبر وحظه أوفر ، ولذلك فقد آلت الكثير من الإدارات المدرسية لغير التربويين، وانحدر مستوى التعليم من سيء إلى أسوأ.
هناك نماذج من مدارس البنين والبنات حققت نجاحاً مشهوداً، وعند التحقيق من ذلك النجاح نجد بأنه نجاح جزئي ومعتمد على اجتهاد المدير أو المديرة الشخصي، وليس نتاج عمليات مخططة تنتظمها العملية التعليمية .
لماذا ينفر التلاميذ من المدارس؟ ولماذا تكثر المشكلات بين المعلمين والإدارة؟ ولماذا يفقد أولياء الأمور يوماً بعد يوم ثقتهم بالمدرسة؟!!! هل يتحمل المدير مسئولية ذلك أو على الأقل حظاً من المسئولية؟!
زاد الطين بلة بعد اعتماد نظام التعليم الاهلي، فإذا بالعديد من رجال الأعمال يتولون إدارة المدارس بشكل مباشر أو غير مباشر ، وفي هذه الحالة تم التعامل مع التلميذ كـ”زبون” ومع المعلم كـ”عامل” ومع المنهج كـ”بضاعة” ، ومع الإدارات العليا كـ “business” على قاعدة .” انفعني أنفعك .تبادل منافع” كما يقال في المثل الإنجليزي:
“Scratch my back, I will scratch yours”،
ووفقاً لهذا فلا مواصفات يمكن التأكد من توافرها ولا معايير، ولا يحزنون!!!
هذا المقال مدخل للحديث عن “الإدارة المدرسية” ومن واجبنا كتربويين وأكاديميين أن نضع أيدينا على الخلل لنعمل على معالجته مستقبلاً، فالتربية والتعليم هي المدخل لأي تقدم في المستقبل أو تطوير في البلاد.