تكريم المعلم بين المعايير الموضوعية والذاتية د.عبدالقوي القدسي

تكريم المعلم بين المعايير الموضوعية والذاتية
 د.عبدالقوي القدسي

تكريم المعلم بين المعايير الموضوعية والذاتية

الأحد (٥) مايو ٢٠١٩

لدوره المحوري في العملية التعليمية والتربوية، فقد توافقت الكثير من دول العالم على تكريم المعلم واتخذت الدول أياماً مختلفة للاحتفاء بيوم المعلم، فالسادس عشر من مايو هو يوم المعلم في ماليزيا -مثلاً- والخامس من مايو يصادف يوم المعلم في اليمن، فيما اتخذت منظمة اليونسكو قراراً عام 1994 بتعيين الخامس من أكتوبر من كل عام يوماً للاحتفال بالمعلم وتكريمه.

لا شك بأن تقدير جميع المعلمين وتعيين يوم للاحتفاء بهم يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، واعترافاً بدورهم الكبير في تنمية المجتمع، كما أن تكريم نخبة من المعلمين المتميزين والمعلمات يعد حافزاً لمزيد من العطاء والإبداع.

تختلف دول العالم في تكريمها للمعلم، ولكنها تشترك في ضرورته وأهميته، ولقد كانت وزارة التربية والتعليم في اليمن على سبيل المثال تعتمد راتب شهر إضافي للمعلم الذي يتم اختياره ضمن المكرمين في يوم المعلم، بالإضافة إلى إقامة احتفال رسمي ومنحه شهادة تقدير.

لماذا نجد بعض المعلمين متذمرين وغير متحمسين ليوم المعلم؟! وكم نسبة الرضا عن التكريم الذي تقيمه العديد من المدارس والمؤسسات التعليمية؟!!

الموضوعية تعني أن يكون اتخاذ قرار التكريم خالٍ من أيّ تحيُّز خاصّ، والذاتية على النقيض[ معجم المعاني]، ولعل شكوى المعلمين أو العاملين في معظم المؤسسات هو شعورهم باختلال ميزان الموضوعية، وتحيز أصحاب القرار والمحسوبية والمحاباة .

المعايير الموضوعية المَبنية على إحصائيات دقيقة كفيلة بمعالجة الاختلالات وتحقيق نسبة رضاً مرتفعة بين المعلمين، والمعلمات، وهنا أشير إلى بعض ما يتعلق بتلك المعايير، ومن ذلك :
١- معيار الخبرة والأقدمية، تشترط بعض المؤسسات للتكريم أن يكون المعلم قد أمضى في العمل ثلاث سنوات أو أكثر أو أقل، وهذا المعيار مع ما فيه من وجاهة إلا أنه يقتل همة المبتدئ، ويحرم المؤسسة عطاءه في وقت ذروته، وهنا أرى أن اعتماد المعيار في المدارس الأهلية لا معنى له، فالمعلم متعاقد وليس ثابتًا، وقد لا يستمر في المدرسة أكثر من سنة دراسية، وأما في المدارس الحكومية فلا بأس من بقاء المعيار ، وتُحسب له نقاط كغيره من المعايير، ولا يكون شرطاً لدخول المعلم في المنافسة على التكريم.
٢- يجب وضع مؤشرات تُقاس ضمن سُلم متدرج للقياس، فالانضباط -مثلاً- كلمة عامة، والمؤشرات الدقيقة تضبطها، وهنا يمكن العودة إلى سجلات الحضور والغياب وإحصاء عدد مرات التأخر أو الغياب أو التخلف عن تنفيذ المهام .
٣-يجب أن تشترك أكثر من جهة في تقييم المعلم، وأن يكون مركز الثقل هو رأي التلاميذ، فالمُوجه أو رئيس القسم، وإدارة المدرسة لهم معايير، ويجب أن تكون مضبوطة بمؤشرات دقيقة لا تسمح لهم بالتقييم بناء على انطباع شخصي أو غير موضوعي، وحيث أن الطالب هو المستهدف من العملية التعليمية والتربوية، فوجهة نظره يجب أن تكون معتبرة وحاسمة، فما أهمية كل الجوانب الفنية إن كانت علاقة المعلم بتلاميذه متوترة وكفاءته العلمية متدنية؟!!!
٤- تكرار التكريم، حتى يُفسح المجال للجميع فلا بد من وضع معيار دقيق يسمح بتوفير فرص متساوية لجميع المعلمين ، والمعلم الذي تم تكريمه لا يُعاد تكريمه إلا بعد مُضي فترة من الزمن، وهذا لا يعني تجاهله، وإنما يتم الاحتفاظ بتقييمه، والثناء عليه، والعودة إلى تكريمه بعد فترة محددة إن حافَظ على أدائه وطور أدواته.
٥- حتى يكون للتكريم قيمة فلا بد أن يكون مُجزياً مادياً ومعنوياً، فيحصل المعلم على راتب شهر أو شهرين على الأقل، وتضاف له علاوة سنوية يمكن أن نطلق عليها :”علاوة التميز”، وأن يشار إليه في منابر الإعلام، وأن يتم مراعاته في نصاب الحصص وغيرها من جوانب الإشراف، والاستفادة منه في نقل الخبرة إلى الآخرين.
٦- لا معنى لكثرة المعايير، والأهم هو وجود مؤشرات دقيقة للتكريم والأخذ بنظام النقاط ضمن مستوى متدرج للتقيم لا يعتمد على ذاتية المقيّم، وإنما يخضع للموضوعية .
٧- لا بد أن تُعلن جميع المعايير للمعلمين وأن يتم شرح نظام التقييم للمعلمين في بداية العام الدراسي، حتى تتحقق نسبة عالية من الشفافية وتتحقق عدالة التقييم.

كان الكثير من المعلمين لا يتفاعلون مع تكريم الوزارة لأنهم لا يشعرون بعدالة التقييم، وبالذات عندما يتكرر تكريم من ليس أهلاً للتكريم ، ولا مبالغة في ذلك فقد كنا نتفاجأ بتكريم الوزارة ومكاتب التربية لبعض زملائنا المنقطعين والمهملين، وما كان بأيدينا سوى ان نردد الكلمة الشعبية الشائعة :” أرزاق “!!!! وهذا الخلل سببه اختلال في المعايير .

“تكريم المعلم” عمل رائع، والأروع منه أن يكون ذلك التكريم معتمداً على معايير علمية ، بمؤشرات دقيقة، وأن يتم حساب النقاط بعيداً عن أي مؤثرات، وفي ضوء تطويرنا لنظام التقييم ستجد ارتفاعاً في نسبة رضا العاملين في مؤسساتنا التربوية، ومنافسة بين المعلمين في تقديم أفضل أداء مما يؤثر إيجاباً على العملية التعليمية والتربوية معاً.

http://yecm.net