
يتعرض جميعنا لمشكلات حياتية: أسرية، عملية، دراسية … ولكننا نختلف في التعامل مع المشكلات، واتخاذ القرارات الكفيلة بتجاوزها أو الحد منها.
يختلف الناس في درجة “الإحساس بالمشكلة” كما يختلفون في التعاطي معها، ولكن الأهم هو أن تجاهل المشكلة أو الخطأ في معالجتها هو مقدمة لتوالدها وإنتاج مشكلات متفرعة عنها، وكم من مشكلة كانت في بدايتها صغيرة وتحولت – بسبب تجاهلها – إلى مشكلة كبيرة يستعصي حلها أو يصبح ذا كلفة كبيرة؟!!!!!
يتعامل البعض مع المشكلات بانفعال تارةً أو بطريقة عشوائية تارة أخرى، والانفعالية هي الغالبة في المشكلات الشخصية بينما العشوائية هي السائدة في غالب القضايا المتعلقة بالمجتمع أو الدولة .
استراتيجية حل المشكلات تقوم على عدة خطوات وإجراءات ، من أهمها:
١- الإحساس بالمشكلة، والتشخيص السليم لها .
٢- جمع المعلومات حولها، وتحديد الجهات الممكن دخولها للمساعدة في الحل .
٣- وضع البدائل الممكنة، ثم تقييم كل بديل ، والخلوص إلى تطبيق البديل الأمثل والأنسب.
٤- تقييم النتائج والتأكد من حلّ المشكلة والتداعيات المرتبطة بالحل.
قد يتساءل البعض ، ما علاقة “استراتيجية حل المشكلات ” بالتعليم ؟! والجواب هو أن هذه الاستراتيجية تندرج تحت عنوان ” التعلم النشط” حيث يكون المتعلم فيه هو محور العملية التعليمية،وهذه الاستراتيجية تكسبه مهارة عملية منذ الصغر لكيفية التعامل مع المشكلات التي تواجهه في دروس المنهج أو في واقع الحياة العملية في .
يدخل معلم الرياضيات ويكتب على “اللوح” أو يعرض على طلابه مسألة رياضية، ويطلب منهم حلها، ويبين لهم أهمية الحل لتلك المسألة(المشكلة) فربما يتضمن الاختبار أمثالها؛ ويوجه المعلم أبناءه إلى أهمية اتخاذ أكثر من بديل للحل، وإلى أنه بإمكانهم الاستعانة ببعضهم أو بالمتميزين من الزملاء، كما أنه وبعد الوصول إلى الحل يجب عليهم أن يتأكدوا من صوابيته، ما قام به المعلم باختصار هو تنفيذ استراتيجية حل المشكلات،ومما يجب ملاحظته أيضاً أن التلاميذ يستخدمون “استراتيجية العصف الذهني” عند اقتراحهم للبدائل الممكنة للحل، وهذا يعني بأن المعلم يستطيع استخدام أكثر من استراتيجية في آن واحد.
لو تعامل الأزواج- مثلاً- وفق هذه الاستراتيجية مع المشكلات الطارئة في الحياة لوجدوا أن معظم أسباب الخصام المفضية إلى النزاع أو الطلاق تافهة، ولو أخذت المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية حقها من الدراسة لتمّ تجاوزها باحترافية عالية .
قد يكون من الأنسب أن لا يتصدر الإنسان بنفسه لحل المشكلة، ولذلك فإن وضوح الهدف ،وهو “حل المشكلة” يقودنا إلى التعامل باحترافية معها، واختيار الشخصيات المؤثرة “إيجابياً” في حلها، وكم من المشكلات الاجتماعية عظُم أمرها وتولت إلى صراعات بسبب بعض الشخصيات المبدعة في إنتاج المشكلات ؟!!!
يمكن الإشارة إلى ثلاثة أنماط للناس في مواجهة المشكلات 🙁 تقليدي-إداري- ذو النظرة الثاقبة )، فالتقليدي يتخذ القرارات عندما تظهر المشكلة، والإداري يتخذ القرار عندما يتأكد من استمرار الأعراض، وأما ذو النظرة الثاقبة فيتوقع المشكلات قبل حدوثها ،ويطبق مبدأ “الوقاية خير من العلاج”.
استراتيجية حل المشكلات لا يستغني عنها المعلم، والعامل، والطالب، والأسرة، والمدرسة، والمجتمع، والدولة، فهي مهارة اجتماعية، وممارستها وفق المنهجية العلمية في المدرسة يساعد على إنتاج بيئة قادرة على إيجاد حلول لمشكلاتها الحياتية الحاضرة، بل والتنبؤ بمشكلات المستقبل ووضع المقترحات العلمية للحل .
الإثنين ١٦سبتمبر ٢٠١٩