
الحياة جملة قرارات ، فلتكن تلك القرارات في الاتجاه الصحيح .
أحببت أن أبدأ المقال بالعبارة السابقة؛ لأنني مقتنع بأن النجاح قرار، والسعادة قرار، والزواج قرار، واختيار التخصص الجامعي قرار، وحتى اختيار نوع الطعام، والشراب واللباس، والسكن وغيرها من أمور الحياة قرارات يتخذها الإنسان.
الكثير من الناس يتخذ قراراته وفق نمطية معتادة، وليس وفقاً لاستراتيجيات علمية مبنية على دراسات وتجارب وخبرات .
الموازنة بين عدة بدائل واتخاذ البديل الذي يحقق الهدف المنشود هو المدخل لمعرفة استراتيجية اتخاذ القرار .
لماذا يفشل الكثيرون في اتخاذ القرارات الصائبة؟ ولماذا توصف بعض القرارات بالفاشلة، أو الارتجالية أو غيرها من الاوصاف؟! ولماذا تتأخر الكثير من القرارات، وتأخذ أكبر من حجمها؟! ولماذا يعجز البعض عن اتخاذ القرار ولو كان ذلك في إطار سلطته ومسؤوليته؟!
في الحقيقة، لدينا إشكالية كبيرة في تعليم أبنائنا “استراتيجيات اتخاذ القرارات” فالأسرة والمدرسة مؤسستان مهمتان في التدريب على اتخاذ القرارات ، ولكن دورهما محدود أو سلبي، إذ لا يستطيع الأبناء المشاركة في اختيار المدرسة، او لون الحقيبة والدفتر، وحتى نوعية الملابس أو أماكن المتنزهات ، وفي المدرسة ما عليه إلا أن يستمع، فالطالب اللبيب في نظر المعلمين هو من يُربّع يديه، ويلوذ بالصمت ولا يعترض على أمر .
لاتخاذ قرارات صائبة فلا بد من :
١- دراسة أي مشكلة دراسة متأنية، وإعطائها حقها من الاستشارة والوقت ، بمعنى : [لا تستعجل] .
٢-لا تتخذ قرارًا وأنت منفعل، فقرار الغضبان غير صائب غالباً، وكما يقال : في العجلة الندامة، وفي التأني السلامة.
٣- لا تماطل في اتخاذ القرار ، فتأخير القرار عن وقته يتسبب بمشكلات أخرى .
٤- ادرس كل البدائل الممكنة، ووازن بينها، وكلما زادت البدائل كلما كان اتخاذ القرار أصوباً. ٥- اتخذ القرار وفقاً للمعايير، وليس بناء على الأهواء .
٦- شارك المعنيين أو المهتمين وأصحاب الخبرة، فلربما اختصروا لك الزمن ، وأشاروا عليك بما لم يكن في البال.
إذا كان لديك أكثر من بديل لإلحاق ولدك في مدرسة فناقش ولدك واطلب منه أن يكتب قائمة المزايا لكل بديل، واطلب منه اتخاذ القرار المناسب بناء على معايير،مثل : معيار الرسوم، القُرب أو البعد من المنزل، مستوى الخدمات المقدمة، إنك إن فعلت هذا فقد علّمت ولدك عملياً كيف يتخذ القرار، وهكذا في جوانب الحياة المختلفة.
قد يرتكب الطالب مخالفة، فيأتي المعلم ويناقشه حول المشكلة، ويطلب منه أن يذكر أسباب المشكلة ، والأطراف المشتركة فيها، وبدائل الحل، والقرار الذي يجب أن يتخذ بناء على المعطيات، وإذا أراد معلم التربية الإسلامية شرح درس كـ “صلح الحديبية ” فيمكنه أن يطرح على تلاميذه سؤالاً: كيف يمكن مواجهة قرار قريش بمنع المسلمين من أداء العمرة؟!! ويطلب منهم دراسة المشكلة ، واقتراح أكثر من بديل، وترجيح البديل الأنسب بناء على معايير وأهداف ، وبهذا يكون المعلم قد حقق هدفه في إكساب التلاميذ مهارة اتخاذ القرار.
الكثير من حالات الإحباط، والمشكلات الحياتية، والفشل الدراسي ، والإخفاق الوظيفي سببها الفشل في اتخاذ القرارات الصائبة؛ ولذلك فتعليم الأبناء استراتيجية “اتخاذ القرارات ” منذ الصغر يحول بينهم وبين الوقوع في براثن الفشل مستقبلاً.
الأربعاء ١٨ سبتمبر٢٠١٩