نظرية التعلم اللفظي المعرفي القائم على المعنى

مبادئ النظرية البنائية د.عبدالقوي القدسي

مباذئ النظرية البنائية
د.عبدالقوي القدسي

مبادئ النظرية البنائية

أشرنا في مقال سابق إلى أن النظرية البنائية شكَّلت تطوراً هاماً في مجال التعليم وأصبح يشار إليها بالنظرية الحديثة مقابل التقليدية القديمة، ويجدر بنا هنا أن نشير إلى أن النظرية البنائية تركز على عدد من المبادئ الأساسية[1]، أهمها:

1-  الــتعلم عمليــة وجدانيــة[2]: الـتعلم الجيـد هـو الـذي يهـتم بالجانـب الوجـداني للمـتعلم، ولذلك فـلا بـد أن يمتـــزج الموقـــف التعليمـــي بمـــشاعر الاســـتثارة، التـــشويق، الفـــضول، والحيـــرة والانبهـــار، فهـــذه المشاعر تجذب المتعلم نحو مادة التعلم.

2- التعلم يحدث بشكل طبيعي: التعلم الطبيعي “غير المصطنع” يأخذ المتعلم إلى طريق التوجه الذاتي للتعلم، حيث يتحكم المتعلم في تعلمه، ويديره، ويقوده ذاتياً.

3- التعلم عملية نشطة: يمارس المتعلم النشاط في معالجته للمعلومات، وتغيير، أو تعديل بيئته العقلية، فيبذل المتعلم جهداً  عقليا ليكتشف المعرفة بنفسه.

4- يقود إلى الاتزان المعرفي  : بحيث يوضع المتعلم في موقف يجد فيه بنيته المعرفية الحالية غير مناسبة لتعلم ما يود تعلمه فيشعر بحالة من عدم الاتزان فيحدث تغيراً في “الاسكيما”، أو البنية المعرفية لديه ليستعيد هذا التوازن.

5- التعلم بناء للهوية: إن رؤيتنا للعالم واللغة التي نتحدثها، ومفهومنا عن الذات، وعلاقتنا بالآخرين، وكل هذه الأشياء تشكل هويتنا، فما هذه الهوية إلا نتاج للخبرات التعليمية التي نشارك فيها.

6- التعلم عملية بنائية ومستمرة: التعلم عملية إبداعية يقوم فيها المتعلم بتنظيم تراكيبه المعرفية، وتعديلها، بحيث تفضي  إلى خبرات جديدة ذات معنى.

 

من خلال ما سبق يمكن القول بأن المعرفة السابقة للمتعلم مهمة، فهي بمثابة الأساس للبناء، وفي بناء المعرفة يحدث ما يمكن تسميته بالتفاوض الاجتماعي، والذي يتمثل بالبيئة الصفية ومجتمع الدراسة وبيئة التعلُّم، ويبني المتعلم معرفته على أفضل وجه عندما يواجه بموقف أو مهمة أو مشكلة حقيقية، وهنا يأتي الحديث حول صعوبة تغيير بعض القيم لاصطدامها بالبنية المعرفية السابقة Mental Schema ، ولتطبيق النظرية ، يجب التحول من البيئة الصفية التقليدية إلى البنائية المعتمدة على الاعتراف بذاتية المتعلم واستقلال شخصيته وتقبُّل آرائه ومساعدته على التفكير النقدي والإبداعي، وعليه فالمعلم يطرح أسئلة مفتوحة ويسمح بمهلة تفكير كافية لتلقي الإجابات أو المقترحات أو التعليقات، ويشجع مستويات التفكير العليا للوصول إلى ما وراء المعرفة المجردة للحقائق أو مجرد الحفظ للمعلومات.

 

في بيئة التعليم البنائية يجب أن تتاح للمتعلمين فرصة الحوار والمناقشات والمناظرات العلمية مع المعلم ومع بعضهم بعضًا، فالحوار الاجتماعي يساعد الطلبة على تعديل أو تغيير أو تعزيز أفكارهم ومقترحاتهم وتشجيعهم على الانخراط والانهماك في الخبرات التي تتحدى الفرضيات من جهة، وتشجع المناقشات من جهة أخرى، فكثيراً ما يصل المتعلمون إلى توليد فرضيات كثيرة حول أي ظاهرة مشاهدة، وتنمو لديهم مهارات القدرة على التنبؤات والاستنتاجات، ومن هنا تأتي أهمية عرض المواد الخام على المتعلم وإرشاده إلى مصادر المعلومات بدلاً من تلقينه كل شيء، وكثيراً ما يندهش المعلمون من مستوى تلاميذهم عندما يتيحون لأفكارهم وخيالهم فرصة التحليق في سماء الإبداع.

 

الصفوف البنائية تعمل على جعل التعلم أكثر مرونة، وتُكسب المتعلمين مهارات كالعمل في مجموعات، وتنمي المفاهيم ومهارات التفكير، وتسعى إلى إيجاد مناخ ملائم للتعلم.وتصميم التعليم وفقاً للفكر البنائي يترتب عليه تصميم محتوى التعلم، وصياغة الأهداف التعليمية، وتصميم استراتيجيات التدريس والوسائط التعليمية وكل ما يتعلق بعملية التقويم، وسنتناول هذه العناصر بشيء من التفصيل في المقال القادم بإذن الله، والأهم هنا هو أن ندرك بأن كل نظرية تعليمية وتربوية هي أشبه بمنتج مكتمل الأركان ، له مكوناته وآليات عمله والدليل التشغيلي له ، ووسائل إصلاحه أو تقويمه، وكذا فإن مصانع الإنتاج تحتوي على إدارات للتحسين وتطوير المنتج، وإدارة لمراقبة الجودة .

 

 

[1] https://www.waldenu.edu/online-masters-programs/ms-in-education/resource/six-principles-of-constructivist-learning

[2] shorturl.at/euwAL

http://yecm.net