تصميم التعليم وفقاً للنظرية البنائية

تصميم التعليم وفقاً للنظرية البنائية

تصميم التعليم وفقاً للنظرية البنائية
         د.عبدالقوي القدسي

لكل نظرية عناصرها ومبادئها التي تُعبر عنها، ولذا فإن نموذج التعليم في أي بلد أو مؤسسة يكون انعكاساً للنظرية التي يتبناها، كما أنه يمكن الاستفادة من أكثر من نظرية في آن واحد، وفي جميع الأحوال فإنه لا بد من الاستناد إلى نظرية أو أكثر عند تصميم أو بناء نموذج التعليم.لقد تمخض تحليل معالم تصميم التعليم في بلورة العناصر التي تعكس تصميم التعليم وفقاً للفكر البنائي، والمتمثلة بالآتي : الأهداف التعليمية، محتوى التعلم، استراتيجيات التدريس ، الوسائط التعليمية، التقويم، وأخيراً ، المتعلم والمعلم .

 

أولاً: الأهداف التعليمية، تصاغ في صورة مهام يقوم بتحقيقها المتعلم أو مجموعة المتعلمين، وهي ترتبط بالمتعلم مباشرة وبما يجب عليه إنجازه.

ثانياً: محتوى التعلم، يتم تقديم المحتوى في صورة مشكلات تثير تفكير المتعلمين وتكون ذات صلة مباشرة بواقعهم وفي إطار اهتماماتهم.

ثالثاً: استراتيجيات التدريس والوسائط التعليمية، استراتيجيات التدريس تركز على تحفيز المتعلمين للبحث والتنقيب والتقصي، وتعزيز ثقة المتعلمين بأنفسهم، ومن هنا فإن استراتيجيات حل المشكلات والعصف الذهني والحوار والمناقشة وغيرها تُعد مهمة جداً للبناء المعرفي للمتعلمين. وأما الوسائط التعليمية فهي في البنائية متعددة وتفاعلية ويتم التركيز على دمج وتوظيف الصوت والصورة والحركة والرسوم والخرائط الذهنية والمفاهيمية والخبرات المباشرة والمعدلة، وكلما اقتربنا نحو الوسائط المباشرة كان التعليم أكثر فاعلية.

رابعاً: التقويم، تعتمد النظرية البنائية على التقويم الذاتي والتقويم التكويني البنائي الذي يقيّم  التعلم بشكل دائم وفقاً لمدى إنجازه واكتسابه للخبرات على وجه الحقيقة. ولا ترى البنائيون فعالية الاقتصار على نمطي التقويم مرجعي المحك ومرجعي المعيار.

خامساً: المتعلم والمعلم البنائي، هناك ثلاثة أدوار مميزة للطالب ( المتعلم  البنائي ) وهي :

الأول : ( المـتعلم  النـشط )، The active learner فالمعرفـة والفهـم يكتـسبان بنـشاط، والطالــب المــتعلم ينــاقش ويحــاور، ويطــرح أســئلة، ويــضع فرضــيات تنبئية تفــسيرية، ويستقــصي ويتحــرى علميــاً، ويأخــذ مختلــف وجهــات النظــر بــدلاً مــن الــسماع أو القــراءة أو القيــام بالأعمــال الروتينية الاعتيادية.

الثاني: ( المتعلم  الاجتماعي)، The social learner وفي هذا تبنى المعرفة والفهم اجتماعياً، فالطالب المتعلم يبني المعرفة بشكل اجتماعي عن طريق الحوار والمناقشة والتفاوض الاجتماعي مع الآخرين.

الثالث: ( المتعلم  المبدع )، The creative learner يفترض في المتعلم البنائي أن يكون لديه القدرة على التفكير الإبداعي أو خارج الصندوق كما يقال، ويكون متحفزاً لتقديم الجديد وفق عملية تفكير عميقة وليست سطحية .

المتعلم البنائي لا يكتفي بتلقي المعرفة وحفظها، بل يقوم بتحليها وتقييمها واستكشاف الجديد، والمتعلم البنائي ليس متعلماً متلقياً سلبياً ، بل يقوم بحوار الأفكار ومناقشتها.

 

دور المعلم في الفكرة البنائية هو دور المرشد، أو الموجه، أو الميسر ٕ Facilitator وإذا كان التعلم قائماً على معرفة سابقة لدى المتعلم، فإنه يقع على عاتق المعلم أن يوفر بيئة تعليمية تبرز الاختلاف بين الخبرات الحالية للطلاب والخبرات الجديدة التي يتعرضون لها، أو يمرون بها، وتمثل هذه البيئة تحدياً للمتعلم تدفعه للتعلم وتحثه عليه. ويراعى تخصيص وقت كاف للتعلم. وتعد هذه النقطة من عيوب التعلم البنائي لأن طول الوقت يسمح للطلاب بالتفكير في الخبرات الجديدة بشكل أكثر عمقاً، ً وتأملا، ووضعها في نسق واحد مع الخبرات السابقة.فالمعلم البنائي : يحترم ذاتية المتعلم، ويشجع على الاستقصاء والاستنتاج، ويرشد المتعلمين إلى مصادر التعلم، ويدعم الفضول العلمي ويتعامل وفقاً للفروق الفردية كما أنه يدعم الحوار بين المتعلمين، ويستخدم طرقاً متعددة تثير دافعية المتعلمين وتفكيرهم، كما أنه ينوع في وسائل التقييم ويدعم التفكير العميق والأفكار الإبداعية.

 

مما سبق، يمكن القول بأن نموذج التعلم البنائي يرتكز على تحديد الأهداف بدقة وبشكل إجرائي، وصياغة المحتوى بناء على الأهداف المرسومة وبصورة مشكلات، واستراتيجيات التعلم مرتبطة بالمتعلم وتعمل على تحفيزه وتنشيطه ليأخذ زمام المبادرة وينطلق لاكتساب المعرفة بنفسه، وتدفعه إلى البحث والتقصي والتفكير النقدي والإبداعي، والمتعلم هو محور العملية التعليمية في النموذج البنائي، كما أن المعلم أصبح دوره إشرافياً ميسراً ومعيناً للمتعلم وليس ملقناً أو مصدراً وحيداً للمعرفة .